الأحد، 3 فبراير 2013

روعة الاجداد وشرود الاحفاد

جمال رجب

في وقت تزاحمت فيه وسائل التكنولوجيا الحديثة المتسارعة في مجتمعاتنا وفى العالم أجمع تزكرت فيه الحال وقت أجدادى وأجدادك
عندما كانت البساطة والطبيعية تعلو كل شىء يفعلونه بعيداً عن غزو الآلة والتكنولوجيا ...وخاصة في مجتمعاتنا الريفية البسيطة بكل مافيها من طبيعة خلابة ومبانى بسيطة ونباتات تخلو من أى مواد دخيلة على المنتج الزراعى الربانى .. جرت بعقلى مقارنة مباشر بين زهو الامس ونقائه وازدحام الحاضر وشقائه ،هو الفرق بين الثوب الابيض الناصع وذلك الذى لوثته أعباء البشر وحواضرهم الراهنة ،
عندما كان أجدادنا يزرعون ليأكلون من عمل أيديهم متذوقين طعم شقاؤهم في مطعمهم ونقاء الثمرة التى يعلمون انها ترعرت على ايديهم وتحت أعينهم  نشأت في رعاية الخالق تحت شمس مشرقة لم تلوثها ادخنة المصانع بعد ولم تدخل فيها المواد المسرطنة الدخيلة ،عندما كان الجلوس على الحصر وعلى الارض الباردة وفى بيوت من الطين اللبن التى تبرد صيفا وتدفىء شتاء،عندما كان ابى يصحبنى معه وسط الحقول لأستنشق عبير الصباح النقى وتغمرنى سعادة بالغة وانا أرى الطبيعة وكأنها لوحة فنان أعطى فيها كل ماأثمر في خياله فسبحانك ربى ماأعظمك ،عندما كان العالم فينا يخرج من رحم الاصرار والقوة والعزيمة والمثابرة يستذكر دروسه تحت مصباح الكاز متحديا كل ظروفه لأنه مؤمن بقضيته وبهدفه الذى يسموا إليه ،عندما ياتى القطار من مصر المحروسة يحمل عالم الازهر العائد إلى بلده لتعليم اهل بلدته وهم يرون فيه المصباح المنير وضالتهم المفقودة ليعلمهم اوامر الله ويحمل معه صور في زاكرته عن مصر الفاطمية  والمملوكية وكذلك الحديثة وبما فيها من جمال حتى انها كانت  حلم الجميع ان يراها ،،عندما كان الخير موجودا بصفة اساسية بين حسابات البشر وليس مجرد إستثناءا نعجب احيانا لوجوده ،عندما تشرق شمس رمضان ويتآلف الجميع ويأتى العيد ليتبادلوا التهانى والزيارات والضحكات العالية الخالية من أى كدر وحزن ،عندما كتب نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف السباعى عن القاهرة الفاطمية وغنى فيها عبد الحليم وشادية وصباح وحارب من اجلها أبطال بورسعيد الشجعان دون خوف او تراجع ،وضحى من اجلها أبنائها بالغالى والنفيس ،عندما كانت مصرنا رائدة بين الامم رغم خروجها حديث من رحم الاستعمار جريحة تبكى تكاد تهوى ارضاً من عظم مارأت ومرت ،عندما كانت كسوة الكعبة لاترسل إلا من مصر وعندما كان الجميع يقصد مصرنا وقت الازمات ليمتلىء بدفى الاخت الكبيرة في وقت كانت ولازالت مصر هى مربية الأمم جميعا ،ومنارة العلم والعلماء،عندما  كانت تمتزج كلمة الليل والعين في كل موال مصرى اصيل ليعرف الجميع ان مصر تغنى في أوقات حزنها لا اوقات فرحها فقط ،شعب يعشق النكتة ويكره الاكتئاب والخنوع ،تذكرت كل ذلك ونظرت لحاضر رأيت الكثير تغير وتبدل وهنا دار ببالى  ترى مالسبب  هل هى دواخل الحياة الجديدة اما التكنولوجيا المتسارعة التى اجهضت البساطة والتلقائية ولذة العناء والتعب في انجاز الامور وآصالتها ام أمم تكالبت على امم لتفرض سيطرتها على جانب هنا او اخر هناك  ام ان البشر فاض بهم الكيل حتى أن احدهم لايصبر على قول اخيه إلا وداهمه بالخيانة احيانا وبالتشكيك في تدينه أحيانا ااخرى أم ان الهوية العربية المصرية اندثرت في وقت أصبحنا نقلد فقط ونجر أذيال الخيبة ونسعى خلف الامم التى يدعون انها متحضرة كثيرا وانها المدنية في وقت كانت اوربا جميعها تتقلب في البرد القارص وفى غيابات الجهل والظلام عندما كان ابن الهيثم والرازى وابن سينا والبيرونى والخوارزمى وغيرهم يبهرون العالمين وينيرون الارض نوراً من الله بعلمهم وتعليمهم ،شعرت بغصة في صدرى لحنين الى الماضى الاصيل النقى الذى لطالما رايت الحاضر سئمته وعلمت ان الماضى لايعود وإن كان اكثر بساطة ،ولكن الحل في ايدينا هويتنا العربية الاسلامية تلقائيتنا في كل شىء وحرصنا على اليد الواحدة لان الجار ماكان إلا لجاره بنص حديث الرسول صل الله عليه وسلم "او بالمثل المصرى البسيط المعروف  الجار لجاره عندما كنا نتقاسم اللقمة عملا بقوله عليه الصلاة والسلام لايؤمن احدكم واخيه جاره جائع كنا نفعل ذلك لأننا تربينا على ذلك خرجنا من ارحام امهاتنا نرى اباؤنا واجدادنا يفعلون ذلك عن أجدادهم ايضا وصولاً الى مبادىء اسلامنا الاول الذى يحض على التعاون والخير والمشورة والمشاركة في كل شى وجدت ضالتى في دينى وهويتى العربية الاصيلة وجدت ضالتى في قليل من اليقظة وكثيراً من العمل والاجتهاد وعدم اليأس من الحاضر المؤلم لأن طريق الالف ميل يبدأ بخطوة فهلم للخطوة الاولى هلم لواقع اكثر دلالة على اننا من ملكنا الماضى وابدعنا فيه وابهرنا العالم اجمع ، عندما ثرنا ابهرنا العالم وعندما حاربنا من اجل كرامتنا فطن العالم كله اننا لايستهان بنا وعندما كنا نخاف على بعضنا البعض علم الجميع ان ضعفنا وهواننا في افتراقنا وتحطيمنا من الداخل ،لا اخشى الامل في حاضر جديد مفعم بتلقائية الماضى  ونقائه وعظمته اكثر من خشيتى لإندثار هذا الماضى بين طيات الحاضر واحداثه المتسارعة في ظل عالم حافل بالانجازات العلمية والمجتمعية في وقت أصبح هم كل واحد فينا كيف يدمر القوى الضعيف ويستولى على قوته وفى وقت أصبحنا فيه مثل القطة التى تأكل اولادها بلا شفقة ولا رحمة .

هناك تعليق واحد:

  1. هو اولى موضوعاتى واتوجه بالشكر لربى اولا ثم للاستاذة عبير الرملى على تشجعيها لى بالكتابة املا من الله ان يرفع من شان هذا الجريدة الجميلة اكثر واكثر ..........

    ردحذف