ظل أنور وجدي متربعا على عرش الفتى الأول في السينما المصرية أعواما طويلة منذ أن ظهر في فيلم "العزيمة" أمام حسين صدقي
وفاطمة رشدي وإخراج واحد من رواد الواقعية الشعبية وهو المخرج كمال سليم.
وقد وردت في مذكرات المخرج الراحل حسن الإمام والتي تنشر أجزاء منها مجلة "سينما" المصرية قصة عن أول تجربة إخراجية لأنور وجدي، فقد كان يقال أن أنور وجدي لا يعطي فرصة للوجوه الجديدة أمثال فريد شوقي ويحيى شاهين وكمال الشناوي وعماد حمدي، وأنه يرضخ أمام سلطان جمال زوجته ليلى مراد ولا يعطي أيضا فرصة للنجمات الجديدات مثل فاتن حمامة وماجدة وشادية وبرلنتي عبد الحميد، حتى أن الإشاعة طالت المخرجين أيضا إذ اصبح يستأثر بإخراج أفلامه بنفسه، مما جعل بعض المخرجين أمثال صلاح أبو سيف وكمال الشيخ وحسن الإمام وأحمد ضياء الدين لا يطلبونه في أفلامهم في تلك الفترة.
وظهر في تلك الفترة نجوم جدد ينافسون أنور وجدي، منهم عماد حمدي ومحسن سرحان ويحيى شاهين وكمال الشناوي، مما أقلقه، وجعله يستخدم ذكاءه في كيفية الاستحواذ على هؤلاء النجوم الذين جاءوا يزاحمونه في بؤرة الضوء التي كان يحتلها بجوار صديقه حسين صدقي بجدارة.
وكانت تجربته الإخراجية الأولى عندما هداه تفكيره إلى جذب أحد هؤلاء لكي يجمده تماما وكان الاختيار قد وقع على كمال الشناوي الذي كان يفوق أنور وجدي في وسامته وأناقته مما جعله فتى الشاشة بحق، وكان كمال الشناوي قد كون ثنائيا ناجحا مع الفنانة شادية.
وهنا أراد أنور وجدي أن يضرب عصفورين بحجر واحد استثمار نجاح الثنائي كمال الشناوي وشادية من جهة وتجميد صعود نجم كمال الشناوي من جهة أخرى، فأراد أن يوقع عقد احتكار لجهود كمال الشناوي لمصلحة شركة الأفلام المتحدة التي كان يمتلكها ولكن كمال الشناوي فطن إلى اللعبة ولم يوقع عقد الاحتكار، وجعله عقدا لعمل واحد فقط وأسقط في يد أنور وجدي فإن تراجع ستثبت عليه الإشاعة، لذا رضخ لأول مرة في حياته لرأي كمال الشناوي ووقع معه عقد فيلم "ليلة الحنة" أمام شادية.
وبنفس الأسلوب أراد أن يحتكر مجهودات المخرج حسن الإمام الذي كان يطلق عليه في تلك الفترة مخرج الروائع حيث كانت أفلامه تضرب الرقم القياسي في الإيرادات ورفض حسن الإمام عقد الاحتكار أيضا وأسقط في يد أنور وجدي مرة أخرى، وبدأ التحضير للفيلم، حتى حان وقت التصوير، وفي الاستديو، وأثناء التصوير، حضر المنتج وهو أنور وجدي، الذي كان متشوقا لرؤية خطى حسن الإمام في الإخراج.
وفجأة وبدون مقدمات وجد أبطال الفيلم أنفسهم أمام مخرج آخر هو نفسه أنور وجدي، الذي أعجبه الأسلوب فطلب من حسن الإمام التخلي عن إخراج الفيلم والتنازل عنه لصالحه على وعد منه بتكليفه بإخراج فيلم آخر، ومارس أنور وجدي هوايته في الإخراج، ونحى حسن الإمام تماما، وأعطاه باقي أجره على أمل اللقاء في فيلم آخر، ولكن الفيلم الآخر لم يأت إلى حسن الإمام، لأن القدر كان أقوى منه حيث توفي أنور وجدي قبل أن يكلفه بفيلم آخر.
وكانت شهرة أنور وجدي في اوجها فترة الأربعينات إلى منتصف الخمسينات، وكان طموحه يفوق طموح أقرانه في تلك الفترة.. وتنوعت أدواره من الفتى الشرير إلى الفتى الأول إلى الفتى الاستعراضي، كما كان نابغا في اختيار موضوعات أفلامه واعتمد على خبرته في كتابة وإخراج أفلامه التي كان ينتجها ويقوم ببطولاتها_(البوابة)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق