لكاتب الصحفي الراحل أنيس منصور، تميز بكتاباته الطريفة عن والحب والمرأة بشكل خاص، ولكنها تعكس بُعداً عميقاً في العلاقة بينهما، فالمرأة في حياة أنيس منصور كانت الأم.. أمه التي بقيت ذكراها حية بداخله حتى وفاته، فطالما كان باراً بها في حياتها، وأيضاً في مماتها.
طفولة أنيس منصور، كانت تتسم بعدم الاستقرار وكثرة ترحالهم من بلدة لأخرى، وفقاً لظروف عمل والده، مما أدى إلى تدهور صحة والدته، التي لم تتحمل كثرة السفر وأعبائه، وعانت باستمرار مع المرض، وقد حاول أن يخفف عنها كثيراً، وأن يلازمها باستمرار، فقد كان يخشى عليها أكثر من نفسه، وتمنى أن يفيدها بحياته لو استطاع، موقف من طفولته يكشف معاناته مع والدته:
أحد المعلمين طلب من التلاميذ، في إحدى حصص التربية الفنية، أن يرسم زجاجة «عطر»، وتركهم لمدة 10 دقائق من الحصة، ثم عاد يمر عليهم ليرى ماذا فعلوا، لكنه وجد الطفل أنيس لم يرسم شيئاً وقد أخذ يبكى، كأنه فقد شيئاً، فاقترب منه وسأله عن سر بكائه، فقال له: «ابكي لأنني لا أعرف شكل زجاجة «العطر»، أنا أعرف فقط شكل زجاجات العلاج والأدوية، فهي عندنا لا حصر لها، أعرف زجاجة الشراب المضاد للحساسية، والمهدئ للأعصاب، والطارد للكحة، أعرف كل ألوان العذاب أما العطر فلا علاقة لى به»، عندها تأثر معلمه وطلب منه رسم أى زجاجة حتى لو كانت زجاجة علاج.
هذا الموقف ظل عالقاً في ذاكرة الأستاذ حتى أيامه الأخيرة لدرجة أنه كان يضع في غرفة نومه، ومكتبه وسريره الخاص أكثر من 50 زجاجة عطر، والأعجب من ذلك أنه ظل يحتفظ بالفارغ منها، وكأنه يقول: «عجبت لك يا زمن».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق