الأحد، 11 نوفمبر 2012

لا عزاء للثوره رجال فاروق حسنى ورقابة الإخوان يديرون المسرح



رغم ما يعانيه المسرح المصري من تراجع تسبب فيه حصار النظام السابق للفنون الجادة وتهميشها في مقابل الرايات الحمراء التي رفعها إعلام صفوت الشريف ووزارة فاروق حسني كل في مجاله.
إلا أن هناك العديد من التجارب الشابة التي أعادت الحياة لمسرح الدولة وضخت في عروقه دماء الإبداع خلال العقد الأخير خاصة مع تولي أشرف زكي مسئولية البيت الفني للمسرح وإتاحته الفرصة أمام الأجيال المختلفة من المسرحيين المتميزين بداية من سمير العصفوري وهشام جمعة وخالد جلال حتي عادل حسان وهشام عطوة وسامح بسيوني وإسلام إمام وشادي سرور وغيرهم من المخرجين الذين أثبتوا قدرتهم علي تقديم مسرح يعبر عن الواقع السياسي العفن برمزية لم تخلص منها العروض خوفاً من بطش النظام وذراعه القمعية المتمثلة في جهاز الرقابة، وهو ما دفع عادل حسان لاستلهام «موت فوضوي صدفة» لداريوفو وهشام عطوة الذي قدم «بؤساء» فيكتور هوجو كما قدم سامح بسيوني «مشعلو الحرائق» لماكس فريش وتناول اسلام امام في عرض «اللي نزل الشارع» عن نص لمارك توين حصار الدولة البوليسية للمثقفين بالاضافة لكثير من العروض التي عرضت قبل الثورة وقدمت إسقاطات حياتية تعكس الوجه القبيح للنظام البوليسي الذي قيدنا لثلاثة عقود.
ومع قيام ثورة يناير انتعش المسرح المصري بعروض ثورية ورأي صناعه بارقة أمل في الجمهورية الثانية التي ساهموا في تأسيسها بصلابة الكثير منهم داخل ميدان التحرير الذي لم يخل من خيمة للمسرحيين طوال أحداث الثورة المصرية حتي بعد رحيل المخلوع ساهموا في محاولة تصحيح مسار الثورة قبل أن تسرقها أيادي الجماعة، التي تحاول الآن السطو علي مصر بأكملها في اتجاه واضح لأخونة الدولة بما في ذلك المسرح المصري الذي خرج من خلف ستار الرمزية ليتنفس رحيق حريته قبل أن تعود رقابة الإخوان أشد بطشاً من رقابة مبارك وتحاول تفريغ عرض مسرحي من مضمونه لمجرد أنه ينتقد أصحاب اللحي.
ويعتبر عرض «عاشقين ترابك «I DON'T UNDERSTAND» للمخرج محمد الشرقاوي أحد العروض التي تعرضت لعملية تحرش من رقابة الإخوان لمجرد انتقاده لأداء وزارة قنديل وبعض أصحاب اللحي ممن يتاجرون بالدين في إسقاط مباشر علي ما نعيشه الآن، وهو ما دفع الرقابة لرفض العرض مرتين - حسب تصريحات مخرجه - قبل أن يفتتح العرض وتكشر الرقابة عن أنيابها مرة أخري فلا تمنحه تصريحاً ليعرض يومين بدون شباك تذاكر لرغبة الرقابة في نهش لوحات العرض بحذف كل ما يتعلق بقنديل ومنع ظهور أصحاب اللحي علي خشبة مسرح الدولة وكأن الرقابة علي المصنفات الفنية ما زالت ترفع شعار «عاش الملك .. مات الملك».
ورغم نفي ماهر سليم الرئيس الحالي للبيت الفني للمسرح لواقعة الحذف الرقابي وتأكيده علي أن اللجنة لم تأمر بحذف مشاهد بل أبدت مجرد ملاحظات تفيد العمل، إلا ان هذا التبرير الساذج يعتبر إهانة لصناع العرض وله كرئيس لهذه المؤسسة لمجرد أنه سمح لبعض الموظفين بالتدخل في إبداع شخص آخر ومحاولة تحوير وجهة نظره لتتطابق مع أفكارهم المريضة وإذا ما كانت هناك ملاحظات فلماذا لم يبدها الموظفون علي النص قبل إجازته ولماذا تستمر انتهاكات الرقابة لحرية الإبداع معتمدة علي قانون بال يرسخ لهذا القمع؟.

والغريب أن عرض «عاشقين ترابك» أحد عروض فرقة الساحة التابعة للبيت الفني للمسرح والتي تسولت من قطاع الفنون الشعبية قاعة صلاح جاهين لتقديمه رغم أن هذه الفرقة هي نفسها فرقة المسرح المتجول التي تهدف للتواصل مع الجمهور في مختلف بقاع المحروسة ولكن مدير الفرقة عصام الشويخ -الذي لا يمت للمسرح بصلة وفرض فرضاً علي أشرف زكي ليعينه مديراً لمسرح بيرم التونسي بالاسكندرية الذي لم يكن وقتها أكثر من «خرابة» ثم مديراً لهذه الفرقة بتوصية إلزامية من فاروق حسني لأنه يعمل لديه في إدارة مراكبه السياحية- أبي أن يعمل علي نشر المسرح في ربوع مصر واكتفي بتقديم عروض ضخمة علي مسارح القاهرة بل وقد يكون وراء أزمة العرض الأخير وتكون الرقابة بريئة من هذه الاتهامات لأن الشويخ يعمل برقابة ذاتية معادية للإبداع جعلته يفسد عرض فرقته السابق «إحنا وظروفنا» بتدخله في عمل المخرج حسام عطا وفرضه لشقيقته نادية الشويخ كمخرج منفذ قبل أن تتضح نواياه ويطرد حسام عطا من المسرح متضامناً مع بطل العرض في «خناقة» شهيرة أسند بعدها مسئولية العرض لشقيقته كما أسند قبلها تصميم الأزياء لزوجته نهي دراج ليبدأ هو وشقيقته في تخريب الرؤية الفنية لحسام عطا وحصار المعاني الثورية التي يحملها العرض بتقديم موعد العرض رغم أن إعلانات الجرائد تحمل موعداً لاحقاً ليذهب الجمهور فيفاجأ بإنتهاء العرض وبالتالي يتم إيقافه بعد 15 ليلة عرض رغم التكلفة الكبيرة التي اهدرت.
ويبدو أن الشويخ الذي لا يميل للثورة بعد أن كادت تطيح به لولا عدم أهميته في المنظومة الثقافية حاول منع أغاني العرض التي كتبها بيرم التونسي ومحمد زناتي وكوثر مصطفي ولحنها وقام بغنائها حاتم عزت وفاطمة محمد علي. حيث رأي في الأغنيات التي تنبأت فيها كوثر مصطفي بسرقة الثورة وأرخت لمراحلها المختلفة نوعاً من التعدي علي النظام القديم الذي نما وترعرع فيه ليصبح واحداً ممن يتحكمون في الإبداع المسرحي وهي الأزمة التي لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن أزمة «عاشقين ترابك» والتي قد تتكرر مع عروض لاحقة يمكن أن نعتبرها إهداراً للمال العام إلي جانب ما تحمله من إهدار لذوات المسرحيين المبدعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق