الجمعة، 14 سبتمبر 2012

الفصل الاول من روايه قصور ذاتي ... ل / مصطفي عبده.




 لم ينقصها الا ان ترتدي معطفها البني الانيق الذي يجعلها تبدو مثل الفتيات الباريسيات ثم تاخذ كتبها و تذهب الي درسها الموجود في وسط المدينه.

و قبل ان ترتدي المعطف تقدمت نحو اخيها الجالس مشغولا بمذاكرته و سالته في تردد : - اذهب الي الدرس ام لا؟
فنظر اليها و تفاجئ بانها قد تهيات للخروج من دون ان يشعر بذلك و قال لها في غلظه : - لا طبعا , انا لا امن عليك الخروج في هذه الظروف المضطربه.
- و لكن الشوارع هادئه .
- درسك في وسط المدينه و لا احد يعلم ماذا يجري هناك!
- المظاهرات في القاهره فقط و ليست هنا.
- قلت لك لا.
فتركته و خرجت الي الشرفه كأن امرا ما اهمها و احزنها , مما اثار فضول اخيها فخرج وراءها ليلح عليها في عدم الخروج في هذا اليوم
الصعب. و راها تعض علي اصابع يديها الرفيعه و التي كان علي اظافرها تلك البقع البيضاء الداله علي الاجهاد و الضعف . و كانت تهز رجليها في توتر شديد و قلق واضح ، فقال لها : - لماذا انت مصره؟
- قلت لك الوضع هادئ هنا.
- لا اظن !
صمتت رباب لبرهه ، كانها تجمع طاقتها لتنفجر في اخيها ثم قالت له بصوت يشبه صوت القطه الخائفه : - لا اريد ما حدث العام الماضي يتكرر!
فقال لها برقه : - و ما الذي حدث؟
- انا لا انسي يوم النتيجه عندما تجننت امي لما عرفتها و كذلك عندما سقط ابي علي الارض ماسكا قلبه لما سمعها منها ، و هما الاثنان فضحاني باسلوبهما هذا امام استاذي الذي اخبرهما بها . اري ذلك المشهد امام عيني في كل مره افتح فيها كتابا لاذاكر فاكتئب و افقد الامل.
- الكل يعرف ان الامتحانات كانت صعبه ، و يكفيك انك مثل اغلب زميلاتك.
- انا فاشله !
- فوضع كفه الكبير علي كتفها الرفيع و قال : - لا ، انت جميله جدا يا رباب.
فنظرت اليه في استغراب و قالت له : - اول مره تقول لي ذلك !
فاحمر و جهه كأنه يتحدث مع محبوبته و ليس اخته و لم يقل شيئا الا انه هز راسه موافقا . و اخرجت رباب هاتفها المحمول من جيبها لتعرف كم الساعه ، ثم قالت : - لقد تاخرت ..
و دخلت مسرعه و ارتدت معطفها في عجله و حملت كتبها و اتجهت نحو باب الشقه عازمه الخروج ، و كان اخوها وراءها يحاول ان يمنعها بكلمات حنونه رقيقه و لما وجد انه لا جدوي من ذلك هم بمسك ذراعه الرفيع الذي كان كان في يده مثل العصا و قال لها في غضب :
- لماذا لا تسمعين الكلام ؟
فدفعته في عصبيه زائده لدرجه انه وقع علي الكرسي الموجود بجوار الباب و قالت له : - لا اريد تكرار ما حدث يا علي!
و فتحت الباب و انصرفت ..
كانت الام عندئذ في المطبخ ، فدخل لها علي فوجدها محمره الوجه و يبدو عليها القلق ايضا ، و عندما راته قالت له : - اتصل بابيك !
لكن علي قال في خوف : - رباب ذهبت الي الدرس.
- الله يوفقها.
- و لكني قلق عليها.
- لا تقلق ، فالمظاهرات في القاهره ليست هنا.
- قالت لي هذا ايضا ، و انا لا اصدق.
فقالت الام في توتر : - انا قلقه علي ابيك لا اعرف كيف سيعود.
كان الاب يعمل خارج المدينه بالقرب من القاهره لذلك فهو يسافر كل يوم بالقطار ذهابا و عوده ، فقال علي لامه : - ساحضر لك الهاتف المحمول ، ثم انزل لاطمئن علي رباب.
- و لكن عد بسرعه.
- حاضر ..
نزل علي الي الشارع و مد بصره بعيدا لعله يجد رباب فيسير معها لكنه لم يراها . فاخذ يسرع من خطواته لعله يلحق بها لكنه لم يجدها علي الاطلاق ، فايقن انها سلكت طريقا اخر ........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق